فقه الأسرة – الزواج
الزواج
الزواج يعني
الاقتران الذي يحصل بين الرجل والمرأة،وهو من الأمور التي ورد الحث عليه والترغيب
إليه في القرآن الكريم والنصوص الشريفة،لما له من أهمية في سعادة الفرد واستمرار
النوع الإنساني على الأرض،قال تعالى:- (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[1].وورد عن
النبي الأكرم محمد(ص)أنه قال:الزواج سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وقد وردت
نصوص عديدة تشير إلى كراهة العزوف عن الزواج والعزوبة،مثل قوله(ص):رذال موتاكم
العزاب.
ثم إن
الزواج من المستحبات المؤكدة،لكن إذا خاف الإنسان على نفسه من الوقوع في الحرام
وجب عليه التـزوج صيانة لنفسه من الحرام.
هذا وكما
يستحب للإنسان التزوج يستحب له السعي في تزويج الراغب في الزواج ومساعدته على
ذلك،كما يستحب التعجيل في تزويج الولد عند توفر النضج والأهلية للقيام بتبعات
الحياة الزوجية،وبخاصة الفتاة،وكذا يستحب للمرأة التقليل من المهر وتيسير الزواج
للكفء الراغب فيه.
صفات
الزوجين:
لما كان
الهدف من الزواج في الإسلام هو استمرار النسل وبناء أسرة صالحة،فلابد لتحقيق هذا
الهدف من قيام العلاقة الزوجية على أساس متين من التعاون والتفاهم والمودة،وهي
أمور لا تـتحقق إلا مع توفر قدر كبير من الانسجام مع الآخر والقبول به،ليتحقق
الانسجام وتـتوفر المودة ويقدم للحياة نسلاً أصيلاً وقوياً.
وقد حرصت
الشريعة الإسلامية في ما أوجبت توفره من الصفات في كلا الزوجين أو في أحدهما،أو ما
حببت فيه ودعت إلى توفره على نحو الندب وعدم الوجوب،أن تؤسس علاقة زوجية إنسانية
وأخلاقية كريمة تنحو نحو تعزيز القيم الإسلامية وتحقيق الأهداف النبيلة،سواء ما
يرجع منها إلى الكفاءة الدينية،أم إلى رفض الزواج من المحارم ومن في حكمهم ممن
يؤدي الزواج منه إلى إضعاف النسل وإرباك العلاقات الأسرية،أم غير ذلك.
الكفاءة في
الدين:
فلا يجوز
للمسلمة أن تـتزوج غير المسلم ولو كانا غير بالغين،سواء كان كافراً وثنياً أم من
أهل الكتاب أم مرتداً عن فطرة أو عن ملة،وسواء كان الزواج دواماً أم كان منقطعاً.
ومن عصت من
المسلمات وتزوجت به،كانت آثمة وزانية،ويعتبر أبنائها منه أبناء زنى.
كما لا يجوز
للمسلم أن يتـزوج من المرأة الكافرة الوثنية،ولا المرأة المرتدة عن الإسلام إلى
غيره من الأديان بما فيها اليهودية أو النصرانية من أديان أهل الكتاب،سواء كان
ارتداها عن فطرة أم عن ملة.
هذا ولا فرق
في مانعية الكفر من الزواج بالنسبة للرجل أو المرأة بين كونه في أول الأمر وقبل
حصول العلقة الزوجية،وبين حصوله بعد الزواج،فمتى عرض الكفر لأحد الزوجين بعد
الزواج فقد بطل الزواج الذي بينهما.
نعم يجوز
التـزوج بالمرأة الكتابية من النصارى واليهود متعة،كما يجوز التـزوج بهما دواماً
إذا لم تكن زوجة على مسلمة قبلها،فإن كانت زوجته السابقة مسلمة لم يجز له تزوج
الكتابية عليها دواماً من دون إذن المسلمة.
ويجوز
للمرأة المؤمنة أن تـتزوج بالرجل المخالف لها في مذهبها إذا لم يكن ناصبياً ولا
مغالياً،ولم يخش منه على التـزامها بما تراه من الحق،فإن كانت على حالة من الضعف
الفكري بحيث يخشى عليها ترك الالتزام بمذهب الحق لم يجز لها التـزوج منه.
أما لو كان
هذا المخالف يناصب العداء لأهل البيت(ع)،أو ممن يغالي في حبهم ويصفهم بما يخرج به
عن الإسلام،فإنه لا يجوز التـزوج منه.
هذا والأجدر
بالمرأة أن تخـتار الرجل المؤمن ذا الأخلاق الحسنة،وتدع التزوج بغير المؤمن،وبخاصة
سيئ الخلق وشارب الخمر،فقد ورد عن النبي(ص)أنه قال:إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه
فزوجوه،إلا تفعلوا تكن فـتنة في الأرض وفساد كبير.
كما أن
الأجدر بالرجل أن يخـتار المرأة المؤمنة العفيفة ذات المنبت الحسن،فقد ورد عن
الإمام أبي جعفر الباقر(ع)أنه قال:أتى رجل النبي(ص)يستأمره في النكاح،فقال رسول
الله(ص):أنكح،وعليك بذات الدين،تربت يداك.
من يحرم
التزوج به بالقرابة:
هناك أسباب
إذا توفرت حرم التزاوج بين الرجل والمرأة،ولم يصح العقد بينهما،يعبر عنها في
المصطلح الفقهي بأسباب التحريم،وأول هذه الأسباب،هو سبب النسب:
والذي يحرم
بالنسب سبعة أصناف من النساء على سبعة أصناف من الرجال،وهم كما يلي:
1-الأم:ويراد
بها-مضافاً للوالدة المباشرة-:كل أنثى تولّد منها الوالدان مهما علون في
الوسائط،فتشمل جدته لأبيه ولأمه وجدة أبيه لأبيه وجدته لأمه،وهكذا،فيحرم عليها من
الذكور كل من ولدته هي أو ولده أحد من أولادها الذكور أو الإناث مهما بعدت الواسطة
نزولاً في أحفادها،كابنها المباشر،وأبن ابنها،وأبن بنتها،وابن ابن ابن ابنها،وابن
بنت بنت بنت بنتها،وهكذا.
2-البنت:ويراد
بها،مولودة الرجل المباشرة،وغيرها ممن ولدها أحد من أولاده الذكور أو الإناث من
حفيداته،فتحرم على الأب بنـته المباشرة،كما تحرم عليه بعنوانه جداً لأب المولودة
أو لأمها مهما علا،وبنت ابنه وبنت بنـته،وبنت ابن ابنه،وبنت ابن بنـته،وبنت بنت
بنـته،وهكذا.
3-الأخت،فإنها
محرّمة على أخيها لأبويها أو لأمها،أو لأبيها.
نعم الأخت
أو أخت الأخ لا تكون دائماً من المحارم،فلو كان لك أخ أو أخت من أبيك من زوجة أخرى
له غير أمك،وكان لزوجته تلك بنت من غير أبيك،فهذه البنت أخت أخيك من أمه،ولكنها
ليست أختاً لك لا من أبيك ولا من أمك،فلا تعد من محارمك.
4-بنت
الأخ:وهي كل أنثى تنـتمي بالولادة المباشرة إلى أخيه من أبويه أو من أبيه أو من
أمه،أو بالولادة غير المباشرة لكونها من أولاد أخيه وأولادهم مهما تعددت
الوسائط،سواء كانت وسائطها كلها ذكوراً أم كلها إناثاً أم كانت الوسائط مختلفة.
5-بنت
الأخت:وهي كل أنثى تنـتمي بالولادة المباشرة أو غير المباشرة إلى أخته من أبويه أو
من أبيه وحده أو من أمه وحدها،فتحرم على خالها وخال أبيها وأمها وخال أجدادها.
6-العمة:وهي
كل أنثى تكون أختاً لأبيه المباشر أو أختاً لواحد من أباء آبائه أو أباء أمهاته من
أجداده وجداته مهما علوا،سواء كانت أختاً له من أبويه أم من أحد أبويه دون
الآخر،فتحرم على ابن أخيها،وعلى ابن ابن أخيها،وعلى ابن بنت أخيها.
وبعبارة
أخرى:تحرم على الرجل عمته وعمة أبيه وعمة أمه وعمة جده لأبيه أو لأمه،وعمة جدته
لأحد أبويه،وهكذا.
7-الخالة:وهل
كل أنثى تكون أختاً لأمه المباشرة أو لواحدة من أمهات آبائه أو أمهاته من أجداده
وجداته مهما علون في سلسلة الأمهات،كما بينا في العمة.
هذا وينبغي
أن يعرف أن الأحكام السابقة التي ذكرناها في النسب لكي تمنع من حصول عقد الزواج
بين الرجل والمرأة بسبب النسب،لا يفرق فيها أن تكون هذه العلاقة النسبية قد حصلت
بين هذين الفردين من خلال عقد شرعي صحيح،أو أنها قد حصلت من خلال زنى،أو من خلال
وطئ الشبهة.
——————————————————————————–
[1] سورة الروم
الآية رقم 21.
0 Comments :
Post a Comment