العولمة
الاقتصادية ومخاطرها
مقدم للدكتور: خالد حسب الله
مقدمة
لم تحظ قضية باهتمام الشرق والغرب على المستوى الرسمي والشعبي مثل قضية العولمة باعتبارها أهم الظواهر التي تجتاح البشرية في القرن الحادي والعشرين. وأنه رغم انقسام الأرقام وتناقض المواقف حولها فقد استطاعت استقطاب الشرائح الفكرية والفئات الاجتماعية المتعددة الانتماءات والمشارب والتخصصات: من اقتصاديين وسياسيين وعلماء اجتماع، ومثقفين لا يربط بينهم سوى اهتماماتهم بجملة التغييرات النوعية المتلاحقة التي يشهدها العالم في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والبيئة، والتي تعدت نطاق الدولة، وتجاوزت الحدود، وعبر القارات. ولذا أضحت مناقشة آثارها على الاقتصاديات العربية والاسلاميه وكذلك بقيه المجالات الأخرى أمرا بالغ الأهمية.
والإسلام برسالته الشاملة قد أولى الجانب الاقتصادي اهتماما بالغا وغاية فائقة كما أولى المصالح العامة رعاية خاصة وأننا إذا استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع استبان لنا من كليات دلائلها ومن جزيئاتها المستقرأة إن المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان ويشمل صلاحه صلاح عقله وصلاح عمله وصلاح ما بين يديه من موجدات العالم الذي يعيش فيه "وما يظن بشريعة جاءت لحفظ نظام الأمة وفقرية شوكتها إلا أن يكون لثروة الأمة في نظرها المكان السامي من الاعتبار والاهتمام" ومن أعظم مقاصد المعاملات المالية الرواج وهو دوران المال بين أيادي أكثر من يمكن من الناس بوجه الحق دل عليه الترغيب في معاملة بالمال.
والسوق هو الموضع الحقيقي أو الاعتبار للتعامل بين الناس، وفيها تتم المعاوضات المالية وإبرام العمليات التجارية والتجارة مرآة صادقة تعكس هيكلة الاقتصاد وقدرته وحجمه، وقد دعت النصوص الشرعية إلي العمل بالتجارة، واكتساب المال عبر الطرق المشروعة، قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) ، وبين الجائز منها من غير الجائز فقال: (وأحل الله البيع وحرم الربا) .
مفهوم العولمة:
إن الترجمة الحرفية لكلمة العولمة: هي Globalization: جعل الشيء على مستوى عالمي، كانتقال بضاعة ما من حدود الدولة الإقليمية التي تتحدد بحدود جغرافية وبمراقبة صارمة على مستوى الجمارك ونحوه.
أي: نقل الشيء من المحدود المراقب إلى اللامحدود الذي لا يراقب !
وبالتالي فحتى تاريخه لم يجمع العلماء والقادة على تعريف محدد للعولمة، وذلك بسبب دراسة أبعادها ونشوئها ونحو ذلك.
فهي تحوي عدة عمليات، أهمها: المنافسة بين القوى العظمى، والابتكار التكنولوجي، وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل الحديث....
وهي تصف مجموعة من العمليات التي تشيع على مستوى العالم، وتتعلق بعدة عمليات، أهمها: انتشار العمليات بين جميع الناس، وتذويب الحدود بين الدول، وزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمؤسسات.
العولمة الاقتصادية Commercial Globalization:
وهي- حسب تعبير د. عابد الجابري – تركيز النشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي في أيدي مجموعات قليلة العدد، وبالتالي تهميش الباقي أو إقصاؤه بالمرة وإحداث التفاوت ما بين الدول حتى داخل الدولة الواحدة، وبالتالي تعميم الفقر كنتيجة حتمية للتفاوت من خلال استعمال السوق العالمية كأداة لإخلال بالتوازن في الدول القومية وبنظمها وبرامجها الخاصة بالحماية الاجتماعية، واعتماداً على الإعلام بوصفه القضية المركزية التي يجب الاهتمام بها لإحداث التغيرات المرغوبة محلياً ودولياً، واعتماد تجارة السوق والمنافسة في سياق البقاء للأقوى والأصلح، وتؤدي بالتالي إلى شل الدولة الوطنية والقومية، ومن ثم تفتيت العالم لتمكين شبكات الرأسمالية الجديدة والشركات العملاقة متعددة الجنسيات من خلا الهيمنة والسيطرة والاستخدام الوظيفي لوسائل الاتصال المعاصرة وكسب الثروة ومراكز النفوذ عملاً بمبدأ الربح الوفير وقليل من المأجورين .
ومفهوم العولمة الاقتصادية لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره، وذلك لتوفير مجالات الاستثمار، واستيعاب الفوائض، بحيث تسعى الرأسمالية لتكريس تبعية التنمية العربية والإسلامية للغرب، ومن تجديد نفسها والتغلب على تنقاضاتها، والتكييف مع أزماتها. وبعد هذه المعطات مع ما اطلعت عليه من عدة تعريفات للعولمة، يمكن القول بأنها: تسهيل انتقال القوى العاملة والمعلومات والسلع والأموال بين مختلف دول العالم، وتخطي الحدود الإقليمية واندماج الأسواق في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة.
ومن هذا التعريف نلحظ أن العولمة تعني أصحاب رؤوس الأموال لجمع المزيد من المال في سياسة اقتصادية كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلي تحقيق الربح وأصبحت اليوم تعتمد على تشغيل المال فقط دون خسائر من أي نوع للوصول إلي احتكار الربح، وقد يكون هذا التشغيل خفياً غير مباشر أحيانا، وهذا يوحي بعودة الهيمنة الغربية من جديد على عصب الحياة ألا هو الاقتصاد لكن بطرق حديثة حسب منطق الرأمالية الذي يقضي بالتوسع المستمر عبر القارات لتتلاعب بمقدرات الأمم والشعوب كيف تشاء.
والعولمة – إذن – ظاهرة تجارية اقتصادية في الجوهر ومحركوها الاساسيون هم المستثمرون وأرباب التجارة والشركات الكبرى، وتتجلى بوضوح في الجانب الاقتصادي أكثر مما تتجلى في غيره من المجالات الأخرى، وهو الأكثر اكتمالاً، والأكثر تحققاً على أرض الواقع.
وقد أخذت العولمة الاقتصادية أبعادها في العصر الحاضر بانتصار القوى الرأسمالية العالمية، فاستعاد النظام الاقتصادي الرأسمالي هيمنته وانتشاره في صور جديدة مبنية على اقتصاد السوق، وعلى الثورة المعلوماتية، وعلى دمج الاقتصاديات الوطنية بالسوق الرأسمالية العالمية بإشراف مؤسسات العولمة الاقتصادية الثلاث التي هي: صندوق النقد الدولي يقوم بدور الحارس على نظام النقد الدولي، والبنك الدولي الذي يعمل على تخطيط التدفقات المالية طويلة المدى والمنطقة العالمية للتجارة خليفة (ألغات).
مظاهر العولمة الاقتصادية :
وتبدو ملامح العولمة الاقتصادية من خلال جملة من المظاهر التي منها:
1- الإقبال الشديد على التكتل الاقتصادي للاستفادة من التطورات التقنية المدهشة.
2- تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات، وتنامي أرباحها، واتساع أسواقها، وتزايد نفوذها في التجارة الدولية والعالمية.
3- إثارة المشكلات الاقتصادية وتدويلها مثل: الفقر والأمية، والتلوث وحماية البيئة.
4- تزايد دور التقنيات والتغيرات السريعة في أسلوب الإنتاج ونوعية المنتج، ولا يخفى تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.
5- توسيع النظام الربوى، وتمكين المؤسسات الربوية من السيطرة على الاقتصاد.
أدوات العولمة:
الشركات المتعددة الجنسيات: تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات هي الأداة الرئيسية للعولمة، وهي شركات أغلبها غربية وبالتحديد أمريكية، وهذه الشركات تتكون من عدة فروعٍ تتوزع في أنحاء المعمورة، والشركة الواحدة تنتج منتجات متنوعة تبدأ من أقل شيء يحتاجه الإنسان إلى أكبر شيء تحتاجه الدول، وتتسم هذه الشركات بعدم تمركز الإنتاج في مكان واحد وبالتالي فهي تسوق إنتاجها في جميع أنحاء العالم، فتجدها تستخرج المادة الخام من بلد معين وتحوله إلى مادة وسيطة في بلد آخر ثم تنتجه على شكل مادة نهائية في بلد ثالث، ولهذه الشركات رؤوس أموال ضخمة تعتمد عليها لتقوم بهذه العمليات، وتستطيع هذه الشركات تحريك رؤؤس أموالها في أنحاء العالم بحرية بفضل قوانين حرية التجارة العالمية، وبما أن هذه الشركات تسعى للربح أولاً وأخيراً فإنها تضع كل مصانعها وخطوط إنتاجها في الدول النامية الفقيرة حيث توجد سوق العمالة الرخيصة بينما البلدان المتقدمة التي أسست فيها هذه الشركات تعاني من نسبة بطالة مرتفعة، وتستطيع هذه الشركات أن تسحب استثماراتها من بلدٍ نامٍ إلى آخر فيفقد بذلك الآلاف من العمال وظائفهم فيغرق ذلك البلد في البطالة والفقر!!! وهذه الشركات حالياً تقوم بعمليات اندماج ضخمة تتأسس على إثرها شركات أكبر وأكبر وتسيطر على الأسواق والبشر فماذا يمنعها فكل شيء معبدٌ أمامها!!
الثورة المعلوماتية: جاءت الثورة المعلوماتية كتطور نتج عن الثورة الصناعية التي كانت قبلها، وقد ساهمت هذه الثورة متمثلةً في "الإنترنت" في إعطاء حركة العولمة دفعة قوية ساهمت في انتشارها وذلك بسبب سرعة الاتصالات وسهولتها، وسرعة الحصول على المعلومة وتوفرها، فمثلاً يستطيع من بالشرق أن يكلم من في الغرب في دقائق محدودة ويراه، لينطبق القول القائل أن العالم قد أصبح قرية كونية صغيرة!! فقد تجد في الإنترنت آلاف الدوريات والمجلات والكتب والمواقع الثقافية والتعليمية والمواقع التابعة للمؤسسات والشركات والمنظمات والحكومات والأفراد في تجمعٍ أقل ما يقال عنه أنه رهيبٌ عجيب، إلا أن خبراء الإنترنت يقولون أن تكنولوجيا الإنترنت لا تزال في طور الطفولة، وأنها لم تحقق أكثر من خمسة في المائة تقريباً من الإمكانيات الكامنة فيها.
مقدم للدكتور: خالد حسب الله
مقدمة
لم تحظ قضية باهتمام الشرق والغرب على المستوى الرسمي والشعبي مثل قضية العولمة باعتبارها أهم الظواهر التي تجتاح البشرية في القرن الحادي والعشرين. وأنه رغم انقسام الأرقام وتناقض المواقف حولها فقد استطاعت استقطاب الشرائح الفكرية والفئات الاجتماعية المتعددة الانتماءات والمشارب والتخصصات: من اقتصاديين وسياسيين وعلماء اجتماع، ومثقفين لا يربط بينهم سوى اهتماماتهم بجملة التغييرات النوعية المتلاحقة التي يشهدها العالم في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والبيئة، والتي تعدت نطاق الدولة، وتجاوزت الحدود، وعبر القارات. ولذا أضحت مناقشة آثارها على الاقتصاديات العربية والاسلاميه وكذلك بقيه المجالات الأخرى أمرا بالغ الأهمية.
والإسلام برسالته الشاملة قد أولى الجانب الاقتصادي اهتماما بالغا وغاية فائقة كما أولى المصالح العامة رعاية خاصة وأننا إذا استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع استبان لنا من كليات دلائلها ومن جزيئاتها المستقرأة إن المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان ويشمل صلاحه صلاح عقله وصلاح عمله وصلاح ما بين يديه من موجدات العالم الذي يعيش فيه "وما يظن بشريعة جاءت لحفظ نظام الأمة وفقرية شوكتها إلا أن يكون لثروة الأمة في نظرها المكان السامي من الاعتبار والاهتمام" ومن أعظم مقاصد المعاملات المالية الرواج وهو دوران المال بين أيادي أكثر من يمكن من الناس بوجه الحق دل عليه الترغيب في معاملة بالمال.
والسوق هو الموضع الحقيقي أو الاعتبار للتعامل بين الناس، وفيها تتم المعاوضات المالية وإبرام العمليات التجارية والتجارة مرآة صادقة تعكس هيكلة الاقتصاد وقدرته وحجمه، وقد دعت النصوص الشرعية إلي العمل بالتجارة، واكتساب المال عبر الطرق المشروعة، قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) ، وبين الجائز منها من غير الجائز فقال: (وأحل الله البيع وحرم الربا) .
مفهوم العولمة:
إن الترجمة الحرفية لكلمة العولمة: هي Globalization: جعل الشيء على مستوى عالمي، كانتقال بضاعة ما من حدود الدولة الإقليمية التي تتحدد بحدود جغرافية وبمراقبة صارمة على مستوى الجمارك ونحوه.
أي: نقل الشيء من المحدود المراقب إلى اللامحدود الذي لا يراقب !
وبالتالي فحتى تاريخه لم يجمع العلماء والقادة على تعريف محدد للعولمة، وذلك بسبب دراسة أبعادها ونشوئها ونحو ذلك.
فهي تحوي عدة عمليات، أهمها: المنافسة بين القوى العظمى، والابتكار التكنولوجي، وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل الحديث....
وهي تصف مجموعة من العمليات التي تشيع على مستوى العالم، وتتعلق بعدة عمليات، أهمها: انتشار العمليات بين جميع الناس، وتذويب الحدود بين الدول، وزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمؤسسات.
العولمة الاقتصادية Commercial Globalization:
وهي- حسب تعبير د. عابد الجابري – تركيز النشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي في أيدي مجموعات قليلة العدد، وبالتالي تهميش الباقي أو إقصاؤه بالمرة وإحداث التفاوت ما بين الدول حتى داخل الدولة الواحدة، وبالتالي تعميم الفقر كنتيجة حتمية للتفاوت من خلال استعمال السوق العالمية كأداة لإخلال بالتوازن في الدول القومية وبنظمها وبرامجها الخاصة بالحماية الاجتماعية، واعتماداً على الإعلام بوصفه القضية المركزية التي يجب الاهتمام بها لإحداث التغيرات المرغوبة محلياً ودولياً، واعتماد تجارة السوق والمنافسة في سياق البقاء للأقوى والأصلح، وتؤدي بالتالي إلى شل الدولة الوطنية والقومية، ومن ثم تفتيت العالم لتمكين شبكات الرأسمالية الجديدة والشركات العملاقة متعددة الجنسيات من خلا الهيمنة والسيطرة والاستخدام الوظيفي لوسائل الاتصال المعاصرة وكسب الثروة ومراكز النفوذ عملاً بمبدأ الربح الوفير وقليل من المأجورين .
ومفهوم العولمة الاقتصادية لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره، وذلك لتوفير مجالات الاستثمار، واستيعاب الفوائض، بحيث تسعى الرأسمالية لتكريس تبعية التنمية العربية والإسلامية للغرب، ومن تجديد نفسها والتغلب على تنقاضاتها، والتكييف مع أزماتها. وبعد هذه المعطات مع ما اطلعت عليه من عدة تعريفات للعولمة، يمكن القول بأنها: تسهيل انتقال القوى العاملة والمعلومات والسلع والأموال بين مختلف دول العالم، وتخطي الحدود الإقليمية واندماج الأسواق في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة.
ومن هذا التعريف نلحظ أن العولمة تعني أصحاب رؤوس الأموال لجمع المزيد من المال في سياسة اقتصادية كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلي تحقيق الربح وأصبحت اليوم تعتمد على تشغيل المال فقط دون خسائر من أي نوع للوصول إلي احتكار الربح، وقد يكون هذا التشغيل خفياً غير مباشر أحيانا، وهذا يوحي بعودة الهيمنة الغربية من جديد على عصب الحياة ألا هو الاقتصاد لكن بطرق حديثة حسب منطق الرأمالية الذي يقضي بالتوسع المستمر عبر القارات لتتلاعب بمقدرات الأمم والشعوب كيف تشاء.
والعولمة – إذن – ظاهرة تجارية اقتصادية في الجوهر ومحركوها الاساسيون هم المستثمرون وأرباب التجارة والشركات الكبرى، وتتجلى بوضوح في الجانب الاقتصادي أكثر مما تتجلى في غيره من المجالات الأخرى، وهو الأكثر اكتمالاً، والأكثر تحققاً على أرض الواقع.
وقد أخذت العولمة الاقتصادية أبعادها في العصر الحاضر بانتصار القوى الرأسمالية العالمية، فاستعاد النظام الاقتصادي الرأسمالي هيمنته وانتشاره في صور جديدة مبنية على اقتصاد السوق، وعلى الثورة المعلوماتية، وعلى دمج الاقتصاديات الوطنية بالسوق الرأسمالية العالمية بإشراف مؤسسات العولمة الاقتصادية الثلاث التي هي: صندوق النقد الدولي يقوم بدور الحارس على نظام النقد الدولي، والبنك الدولي الذي يعمل على تخطيط التدفقات المالية طويلة المدى والمنطقة العالمية للتجارة خليفة (ألغات).
مظاهر العولمة الاقتصادية :
وتبدو ملامح العولمة الاقتصادية من خلال جملة من المظاهر التي منها:
1- الإقبال الشديد على التكتل الاقتصادي للاستفادة من التطورات التقنية المدهشة.
2- تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات، وتنامي أرباحها، واتساع أسواقها، وتزايد نفوذها في التجارة الدولية والعالمية.
3- إثارة المشكلات الاقتصادية وتدويلها مثل: الفقر والأمية، والتلوث وحماية البيئة.
4- تزايد دور التقنيات والتغيرات السريعة في أسلوب الإنتاج ونوعية المنتج، ولا يخفى تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.
5- توسيع النظام الربوى، وتمكين المؤسسات الربوية من السيطرة على الاقتصاد.
أدوات العولمة:
الشركات المتعددة الجنسيات: تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات هي الأداة الرئيسية للعولمة، وهي شركات أغلبها غربية وبالتحديد أمريكية، وهذه الشركات تتكون من عدة فروعٍ تتوزع في أنحاء المعمورة، والشركة الواحدة تنتج منتجات متنوعة تبدأ من أقل شيء يحتاجه الإنسان إلى أكبر شيء تحتاجه الدول، وتتسم هذه الشركات بعدم تمركز الإنتاج في مكان واحد وبالتالي فهي تسوق إنتاجها في جميع أنحاء العالم، فتجدها تستخرج المادة الخام من بلد معين وتحوله إلى مادة وسيطة في بلد آخر ثم تنتجه على شكل مادة نهائية في بلد ثالث، ولهذه الشركات رؤوس أموال ضخمة تعتمد عليها لتقوم بهذه العمليات، وتستطيع هذه الشركات تحريك رؤؤس أموالها في أنحاء العالم بحرية بفضل قوانين حرية التجارة العالمية، وبما أن هذه الشركات تسعى للربح أولاً وأخيراً فإنها تضع كل مصانعها وخطوط إنتاجها في الدول النامية الفقيرة حيث توجد سوق العمالة الرخيصة بينما البلدان المتقدمة التي أسست فيها هذه الشركات تعاني من نسبة بطالة مرتفعة، وتستطيع هذه الشركات أن تسحب استثماراتها من بلدٍ نامٍ إلى آخر فيفقد بذلك الآلاف من العمال وظائفهم فيغرق ذلك البلد في البطالة والفقر!!! وهذه الشركات حالياً تقوم بعمليات اندماج ضخمة تتأسس على إثرها شركات أكبر وأكبر وتسيطر على الأسواق والبشر فماذا يمنعها فكل شيء معبدٌ أمامها!!
الثورة المعلوماتية: جاءت الثورة المعلوماتية كتطور نتج عن الثورة الصناعية التي كانت قبلها، وقد ساهمت هذه الثورة متمثلةً في "الإنترنت" في إعطاء حركة العولمة دفعة قوية ساهمت في انتشارها وذلك بسبب سرعة الاتصالات وسهولتها، وسرعة الحصول على المعلومة وتوفرها، فمثلاً يستطيع من بالشرق أن يكلم من في الغرب في دقائق محدودة ويراه، لينطبق القول القائل أن العالم قد أصبح قرية كونية صغيرة!! فقد تجد في الإنترنت آلاف الدوريات والمجلات والكتب والمواقع الثقافية والتعليمية والمواقع التابعة للمؤسسات والشركات والمنظمات والحكومات والأفراد في تجمعٍ أقل ما يقال عنه أنه رهيبٌ عجيب، إلا أن خبراء الإنترنت يقولون أن تكنولوجيا الإنترنت لا تزال في طور الطفولة، وأنها لم تحقق أكثر من خمسة في المائة تقريباً من الإمكانيات الكامنة فيها.
0 Comments :
Post a Comment