المظاهر بين القناع والاقتناع | Moroccan Daily News

المظاهر بين القناع والاقتناع

المظاهر بين القناع والاقتناع
النسخة: الورقية - سعوديالأربعاء، ٢٠ أغسطس/ آب ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
لكل مجتمع عاداته ومظاهره التي يتسم بها عن غيره من المجتمعات الأخرى، ولأن هذه المظاهر والعادات طغت بشكل كبير على معظم سلوكيات المجتمع الذي من شأنه التشكل فيها، فقد تتحول إلى طباع دارجة بين شريحة كبيرة في حياة الناس. في بعض الأحيان نلحظ وبصورة واضحة من فضّل القناع، الذي يعتقده مظهراً لامعاً على سجيته التي جبل عليها، عندئذ لعل التسمية المناسبة لهذا التصرّف هي: «القناع الرخيص» إذ ليس من الممكن أن يحل القناع محل السجية الأصل للإنسان، فالذي جعل الأقنعة مصدق بها ومقبولة على نحو ما هو المجتمع نفسه، الذي لو كان يملك الشفافية والمكاشفة وغيرها من الأساليب التي تقوم من سلوكه لما درجت بعض المسميات والألقاب بغرض تلميع صورة ما لشخص ما من أجل غرض ما. فلو أخذنا مثلاً بعض هذه الأقنعة التي هي في الأصل مسمى ولقب جال وصال بكل حرية: قناع «مطوع»، نعم أسميه قناع، لأنه دخيل وحديث العهد، وليس له وجود في تاريخنا الإسلامي في صدره الأول. وثمة من ارتدى هذا القناع وتجسدت خصاله من خلاله، لئلا ينظر إليه الناس نظرة انتقاص، أو ينزل منزلة ليست من مقاماته التي يصبو إليها.
فهدفه أن ينظر إليه بعين الرقي والعلو والوصف الرنان، بل ربما يصل به الأمر إلى أن يصبو إلى مركز في القمة حيث الملائكية والعصمة والاستثناء.
أرجو ممن سنحت له الفرصة أن يقرأ مقالي ألا يستعجل الحكم، بل ينبغي أن يتروى ويمعن فيه ما أمكنه ذلك بكل حيادية وإنصاف، فإما أن تؤمن بلقب «المطوع» وإما أن تقول الإسلام دين الجميع، وليس ثمة مسميات أو ألقاب من شأنها أن توجد هذه الأقنعة.
نقطة بداية.. لا لمصطلح «مطوع»
- المطوع عند عامة الناس إذا استقام نظروا إليه كملَك، وإذا أخطأ نظروا إليه كشيطان، وهم بين هاتين النظرتين ضيعوا إنسانيته.
ولعل مصطلح «مطوع» هو السبب الأول في بعد الناس عن الاستقامة. فتصنيف الناس إلى «مطوع» أو غيره جعلهم يعتمدون على المطوع في التفكير والعلم الشرعي والحلال والحرام، بل ربما في شؤون الحياة كلها. فإذا دخلت مسجداً تجدهم ينتظرون المطوع الملتحي حتى يصلي بهم.
لماذا يا ترى لا يقوم بذلك غيرهم؟
كثير من الناس يقيس درجة وحجم الالتزام بالدين بحجم اللحية وقصر الثوب، فإذا كانت اللحية كثة كبيرة، والثوب يصل إلى منتصف الساق فهو مطوع من الوزن الثقيل، وإن هي دون ذلك فليس ذا درجة متقدمة من التقى والورع. هناك أناس ليسوا أصحاب لحى، وثيابهم تصل الكعبين، لكن لديهم من البر والصلة والتقى والخلق الشيء الكثير. في المقابل هناك من لحيته تلامس بطنه وأخلاقه دون قدمه، لماذا؟ أليس الدين للكل؟ فإذا أخطأ غير المطوع عذروه! وإذا نسي المطوع عنفوه! وسقط من أعينهم!
يا له من مجتمع ذو أفق ضيق!!
فلو تدبرنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أنه قسّم الناس إلى ثلاثة أصناف: مؤمن وكافر ومنافق، من أين أتى هذا القسم الرابع (مطوع)، إن لم تكن من الثلاثة فأنت غير موجود. الحياة والدين للجميع، وليس هناك فرق في اللبس وفي المنظر، الفرق في تقوى الله وفي الأخلاق. فالله لا ينظر إلى هيئات البشر ولا إلى أسمائهم ولا ألقابهم، وإنما ينظر إلى قلوبهم. أعتقد أن هذا فشل في الفهم، ومن ثم خلق تلك التصورات الخاطئة التي جعلت المجتمع يسمح لها بالنمو والتفشي. وذلك ما سبب البعد عن الناس، حتى ولج الغرور في النفس. هذا المصطلح الدخيل لم يأت تكريماً للملتزم، بقدر ما جاء استهزاء به. بعضهم يكره المطاوعة كلهم لخطأ ارتكبه أحدهم!!
يا عزيزي: المطاوعة ليسوا حزباً أو جماعة، بل بشر مثل البقية، يعتريهم من النقص ما يعتري بقية البشر، وكل إنسان يمثل نفسه فقط، فبعض الناس تجده لا يداوم على حفظ وتلاوة القرآن، ولا يستمع للدروس الشرعية، ولا يقتني كتاباً فقهياً، بحجة أنه ليس مطوع! يؤلمني الشخص الذي يبحث عمن يسأله سؤالاً فقهياً بسيطاً، وربما بلغ من العمر عتياً. المفترض أن إنساناً لديه من العلم والمعرفة ما ينير له دينه ودنياه، ولو خصصنا وقتاً بسيطاً نلتمس فيه علماً. الدين للجميع والحياة متاحة للكل، والآخرة لا تنتظر إلا المؤمن الورع التقي النقي، أما المطوع فهو مصطلح لا يوجد له مكان في يوم الحساب. فلا ندع المصطلحات تقسم أفكارنا وتعبث من حولنا، كي لا نتشرذم ونصبح مجتمعاً أمياً غير واع، وغير مؤهل لقيادة مصيره.


About hicham

I’m a Pro Blogger. Having my 3+ website. I got engineering degree in computer science engineering. But, I am more appreciated to online business. Now, I ‘m full time blogger and enjoying my journey as well. I started my online carrier since 2018, April. After, research more I got the blogging. Now, I working on Google Ads Network and Affiliate Marketing also.

0 Comments :

Post a Comment