لقد خلق الله تعالى الإنسان و فضله على باقي المخلوقات ، و منحه القدرة على التواصل و التعارف و بناء العلاقات .غير أن المتأمل في الواقع يجد أن كثيرا من الناس لا يحسنون التواصل مع غيرهم سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات و الشعوب ، و لا أدل على ذلك مما نشاهده من فشل في العلاقة الزوجية أو من الحروب التي تنشب بين الشعوب .
فما مفهوم التواصل ؟ و ما الأسباب التي تعيق التواصل الإيجابي ؟ و هل هناك قيم و ضوابط تكفل لمن حققها التواصل الفعال ؟
? الفرضيات : أ- التهيؤ للتواصل مع الغير يساعد في إنجاح عملية التواصل .
ب- لحل أزمة التواصل يجب الالتزام بقيمه و ضوابطه . ج- لتحقيق تواصل فعال لا بد من حصول التفاهم بين مختلف أطرافه .
×مفهوم التواصل : هو التفاعل الإيجابي الناتج عن استعمال حواس التواصل في إرسال الخطاب و في استقباله ، النابع من رغبة صادقة في صلة الآخر و الاتصال بوجدانه عن طريق الفهم و الإفهام ، المنطلق من إرادة الوصول إلى المعرفة الحقة .
1/ دواعي التواصل :
أ/ طبيعة الإنسان الاستخلافية : قال الله تعالى { و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة} البقرة30 ، فالإنسان مخلوق مكرم استخلفه الله سبحانه في الأرض ليعمرها و يصلحها ، و أنعم عليه بحواس التواصل فشقّ له السمع و البصر و الكلام ، قال سبحانه { و الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا و جعل لكم السمع و الابصار و الافئدة لعلكم تشكرون}النحل 78، و لا يمكن لهذا الاستخلاف أن يتم و لا للحياة أن تستمر دون حصول التواصل بين الناس، و الله سبحانه يقول { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} الحجرات 13 . و ما دام أن الإنسان قد خلق لعبادة الله تعالى و عمارة الأرض ، فلا بد له من الاستعانة بالحواس التي تمكنه من التواصل مع الرسل و فهم خطابهم و تدبر الوحي ، و هنا تبرز أهمية الفؤاد في توجيه الحواس باعتباره ملكا و الأعضاء جنوده ، فهو منطلق النوايا و مهندس الأعمال و بصلاحه تصلح سائر الحواس و تؤدي وظائفها في تدبر آيات الله تعالى و اكتشاف أسرار الكون ، و بفساده تفسد سائر الأعضاء و تتعطل عن التواصل و تحقيق الاستخلاف و العبودية لله تعالى .
ب/ حاجات الإنسان الاجتماعية : لا شك أن الإنسان منذ ولادته ضعيفا لا حول له و لا قوة ، يستهل صارخا معبرا عن حاجاته الضرورية للحياة. و كلما كبر و قوي فإن حاجياته الاجتماعية تزداد ، فيلجأ للتواصل مع من حوله ليحقق رغباته و احتياجاته العضوية ، أو حاجته للأمن و تحقيق ذاته و لتقدير الآخرين له أو العكس .
إلا أن تواصل الناس بعضهم ببعض ، كثيرا ما يتأثر بمعيقات تحول دون التفاهم و تحدّ من فعالية التواصل . و أبرز هذه العوائق ، ما يلي :
2/ عوائق التواصل النفسية و السلوكية :
أ- العوائق النفسية : و هي مشاعر و قناعات سلبية كامنة في نفس أحد طرفي التواصل ، و تصنف إلى :
أ- عوائق الإرسال:
- آفات التعالي و الإعجاب بالنفس و سوء الظن . قال الله تعالى{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}الحجرات 12. فهذه الخصال تنفر المخاطب من التواصل.
ب- عوائق الاستجابة :
- كالكبر الذي يدفع صاحبه إلى عدم قبول كلام أو نصح من يحتقره. أو الجحود الذي يدفع إلى الإصرار على الباطل و مخالفة الحق و الاشمئزاز منه رغم العلم به . و كالإحساس بدونية الآخر و إصدار الأحكام الجاهزة.
ب- العوائق السلوكية : و هي خصال منفرة للمخاطب أو المخاطب ، و تنقسم إلى :
أ- عوائق التبليغ:
- و منها : الغضب و الغلظة في الخطاب اللذين يشعران المخاطب بالإهانة و يزرعان في نفسه الخوف ، بدل حصول الإفهام . و قد قال الله تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم { فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } آل عمران 159 .
ب- عوائق التلقي :
- كالإعراض عن المخاطب و الغفلة عنه ، قال الله تعالى { و الذين كفروا عما أنذرا معرضون } الأحقاف 3 ، أو الاستهزاء بالمخاطب و السخرية منه ، قال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم } الآية الحجرات 11.
3/ قيم التواصل و ضوابطه :
لقد خلق الله تعالى الإنسان و هو أعلم به ، فلم يتركه دون توجيهات تهذب سلوكه و تضبط تصرفاته ، و لذلك أرشده الشرع الحنيف إلى القيم و الضوابط التي تهيؤه للتواصل الإيجابي ، و التي يمكن إجمالها في الآتي :
* قيم التواصل :
قيم تحكم نية المتواصل:
إخلاص التواصل لله تعالى لأن الأعمال بالنيات ، فلا بد أن يقصد مرضاة الله و نيل الأجر و الثواب ، أو جلب مصلحة له أو لغيره ،أو دفع مفسدة عنه أو عن غيره . قال تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس و من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجرا عظيما } النساء 114 .
قيم تحكم مقصد المتواصل
أن يكون مقصد من التواصل تحقيق التعارف بين الناس ، و إشاعة التفاهم و قيم الخير التي دعى إليها الإسلام ، مما يجعل التواصل بعيدا عن اللغو و العبث و الكلام الفاحش و اللعن و السب ...
قيم تحكم فعل المتواصل :
و ذلك بالتحلي ببعض الصفات و الأخلاق الفاضلة ، و تجنب أضدادها . و من ذلك : - الصدق و تجنب الكذب . - و الأمانة في نقل الأخبار .
- الحياء و تجنب الكلام الفاحش
- التواضع و تجنب عبارات التعالي على الغير.
-احترام الرأي الآخر و المحاورة بالحسنى بحثا عن الحق .
- الإذعان للحق عند ظهوره و البعد عن المراء و الجدال .
- الرفق بالمخاطب ليكون أدعى لقبول النصح و الحديث .
* ضوابط التواصل :
* ضوابط التبليغ و الإرسال :
منها حسن البيان– المخاطبة بالحسنى – الكلمة الطيبة – الابتسامة– الرفق. قال الرسول صلى الله عليه و سلم {ما كان الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع من شيء إلا شانه}.
ضوابط التلقي و الاستقبال :*
أهمها : حسن الإنصات - عدم المقاطعة – التثبت و طلب الفهم عند الاستشكال أو الالتباس في فهم الغرض من الخطاب تجنبا للتأويلات السيئة – حسن الإقبال على المخاطب{و لا تصاعر خدك للناس} لقمان 18.
خلاصة : يستطيع كل مسلم أن يكتسب مهارات التواصل التي تؤهله للتواصل مع ربه و الكون و الناس من حوله ، كلما حمل نفسه على التخلق بآداب الإسلام و التزم بقيم التواصل و ضوابطه ، و تجاوز عوائقه . فيصبح بالتالي ممن قال الله تعالى فيهم {و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم} فصلت 34 .
و كما أن العلم يحصل بالتعلم فكذلك يحصل التواصل السليم بالتدريب و الممارسة ، باتباع قواعد التدرب على التواصل الإيجابي
فما مفهوم التواصل ؟ و ما الأسباب التي تعيق التواصل الإيجابي ؟ و هل هناك قيم و ضوابط تكفل لمن حققها التواصل الفعال ؟
? الفرضيات : أ- التهيؤ للتواصل مع الغير يساعد في إنجاح عملية التواصل .
ب- لحل أزمة التواصل يجب الالتزام بقيمه و ضوابطه . ج- لتحقيق تواصل فعال لا بد من حصول التفاهم بين مختلف أطرافه .
×مفهوم التواصل : هو التفاعل الإيجابي الناتج عن استعمال حواس التواصل في إرسال الخطاب و في استقباله ، النابع من رغبة صادقة في صلة الآخر و الاتصال بوجدانه عن طريق الفهم و الإفهام ، المنطلق من إرادة الوصول إلى المعرفة الحقة .
1/ دواعي التواصل :
أ/ طبيعة الإنسان الاستخلافية : قال الله تعالى { و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة} البقرة30 ، فالإنسان مخلوق مكرم استخلفه الله سبحانه في الأرض ليعمرها و يصلحها ، و أنعم عليه بحواس التواصل فشقّ له السمع و البصر و الكلام ، قال سبحانه { و الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا و جعل لكم السمع و الابصار و الافئدة لعلكم تشكرون}النحل 78، و لا يمكن لهذا الاستخلاف أن يتم و لا للحياة أن تستمر دون حصول التواصل بين الناس، و الله سبحانه يقول { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} الحجرات 13 . و ما دام أن الإنسان قد خلق لعبادة الله تعالى و عمارة الأرض ، فلا بد له من الاستعانة بالحواس التي تمكنه من التواصل مع الرسل و فهم خطابهم و تدبر الوحي ، و هنا تبرز أهمية الفؤاد في توجيه الحواس باعتباره ملكا و الأعضاء جنوده ، فهو منطلق النوايا و مهندس الأعمال و بصلاحه تصلح سائر الحواس و تؤدي وظائفها في تدبر آيات الله تعالى و اكتشاف أسرار الكون ، و بفساده تفسد سائر الأعضاء و تتعطل عن التواصل و تحقيق الاستخلاف و العبودية لله تعالى .
ب/ حاجات الإنسان الاجتماعية : لا شك أن الإنسان منذ ولادته ضعيفا لا حول له و لا قوة ، يستهل صارخا معبرا عن حاجاته الضرورية للحياة. و كلما كبر و قوي فإن حاجياته الاجتماعية تزداد ، فيلجأ للتواصل مع من حوله ليحقق رغباته و احتياجاته العضوية ، أو حاجته للأمن و تحقيق ذاته و لتقدير الآخرين له أو العكس .
إلا أن تواصل الناس بعضهم ببعض ، كثيرا ما يتأثر بمعيقات تحول دون التفاهم و تحدّ من فعالية التواصل . و أبرز هذه العوائق ، ما يلي :
2/ عوائق التواصل النفسية و السلوكية :
أ- العوائق النفسية : و هي مشاعر و قناعات سلبية كامنة في نفس أحد طرفي التواصل ، و تصنف إلى :
أ- عوائق الإرسال:
- آفات التعالي و الإعجاب بالنفس و سوء الظن . قال الله تعالى{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}الحجرات 12. فهذه الخصال تنفر المخاطب من التواصل.
ب- عوائق الاستجابة :
- كالكبر الذي يدفع صاحبه إلى عدم قبول كلام أو نصح من يحتقره. أو الجحود الذي يدفع إلى الإصرار على الباطل و مخالفة الحق و الاشمئزاز منه رغم العلم به . و كالإحساس بدونية الآخر و إصدار الأحكام الجاهزة.
ب- العوائق السلوكية : و هي خصال منفرة للمخاطب أو المخاطب ، و تنقسم إلى :
أ- عوائق التبليغ:
- و منها : الغضب و الغلظة في الخطاب اللذين يشعران المخاطب بالإهانة و يزرعان في نفسه الخوف ، بدل حصول الإفهام . و قد قال الله تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم { فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } آل عمران 159 .
ب- عوائق التلقي :
- كالإعراض عن المخاطب و الغفلة عنه ، قال الله تعالى { و الذين كفروا عما أنذرا معرضون } الأحقاف 3 ، أو الاستهزاء بالمخاطب و السخرية منه ، قال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم } الآية الحجرات 11.
3/ قيم التواصل و ضوابطه :
لقد خلق الله تعالى الإنسان و هو أعلم به ، فلم يتركه دون توجيهات تهذب سلوكه و تضبط تصرفاته ، و لذلك أرشده الشرع الحنيف إلى القيم و الضوابط التي تهيؤه للتواصل الإيجابي ، و التي يمكن إجمالها في الآتي :
* قيم التواصل :
قيم تحكم نية المتواصل:
إخلاص التواصل لله تعالى لأن الأعمال بالنيات ، فلا بد أن يقصد مرضاة الله و نيل الأجر و الثواب ، أو جلب مصلحة له أو لغيره ،أو دفع مفسدة عنه أو عن غيره . قال تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس و من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجرا عظيما } النساء 114 .
قيم تحكم مقصد المتواصل
أن يكون مقصد من التواصل تحقيق التعارف بين الناس ، و إشاعة التفاهم و قيم الخير التي دعى إليها الإسلام ، مما يجعل التواصل بعيدا عن اللغو و العبث و الكلام الفاحش و اللعن و السب ...
قيم تحكم فعل المتواصل :
و ذلك بالتحلي ببعض الصفات و الأخلاق الفاضلة ، و تجنب أضدادها . و من ذلك : - الصدق و تجنب الكذب . - و الأمانة في نقل الأخبار .
- الحياء و تجنب الكلام الفاحش
- التواضع و تجنب عبارات التعالي على الغير.
-احترام الرأي الآخر و المحاورة بالحسنى بحثا عن الحق .
- الإذعان للحق عند ظهوره و البعد عن المراء و الجدال .
- الرفق بالمخاطب ليكون أدعى لقبول النصح و الحديث .
* ضوابط التواصل :
* ضوابط التبليغ و الإرسال :
منها حسن البيان– المخاطبة بالحسنى – الكلمة الطيبة – الابتسامة– الرفق. قال الرسول صلى الله عليه و سلم {ما كان الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع من شيء إلا شانه}.
ضوابط التلقي و الاستقبال :*
أهمها : حسن الإنصات - عدم المقاطعة – التثبت و طلب الفهم عند الاستشكال أو الالتباس في فهم الغرض من الخطاب تجنبا للتأويلات السيئة – حسن الإقبال على المخاطب{و لا تصاعر خدك للناس} لقمان 18.
خلاصة : يستطيع كل مسلم أن يكتسب مهارات التواصل التي تؤهله للتواصل مع ربه و الكون و الناس من حوله ، كلما حمل نفسه على التخلق بآداب الإسلام و التزم بقيم التواصل و ضوابطه ، و تجاوز عوائقه . فيصبح بالتالي ممن قال الله تعالى فيهم {و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم} فصلت 34 .
و كما أن العلم يحصل بالتعلم فكذلك يحصل التواصل السليم بالتدريب و الممارسة ، باتباع قواعد التدرب على التواصل الإيجابي
0 Comments :
Post a Comment