أهمية دور المرأة في تنمية المجتمع .
سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة وخاصة في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة ومحاربة وراوية للأحاديث النبوية الشريفة.
وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع دوراً لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته.
ولكن قدرة المرأة على القيام بهذا الدور تتوقف على نوعية نظرة المجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها وخاصة ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها، ومن ثم يمكنها القيام بمسؤولياتها تجاه أسرتها، وعلى دخول ميدان العمل والمشاركة في مجال الخدمة العامة .
ومنذ بداية العقد العالمي للمرأة (1985-75) وحتى مؤتمر بكين 1996، بدأ الاهتمام العالمي بقضية تنمية المرأة وتمكينها من أداء أدوارها بفعالية مثل الرجل، والمشاركة في اتخاذ القرار في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد واكب هذا الاهتمام العالمي اهتمام كثير من الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال عقد سلسلة من الندوات والمناقشات وأوراش العمل والمؤتمرات، كان آخرها منتدى قمة المرأة العربية بالمنامة في أبريل 2000، مروراً بمؤتمر القمة الأول للمرأة العربية "القاهرة 2000"، ومؤتمر القمة الاستثنائية للمرأة العربية بالمغرب "نوفمبر 2001"، بالإضافة إلى عدة منتديات حول المرأة والسياسة، والمرأة والمجتمع، والمرأة والإعلام، والمرأة والاقتصاد، والمرأة في بلاد المهجر، التي عقدت في عدة دول عربية.
وما هذه الدراسة حول البنى الملائمة لتعليم الفتيات والمرأة في بعض بلدان العالم الإسلامي إلا دلـيـل عـلـى اهتـمـام المنـظمـة الإسـلاميـة للتـربـية والعـلـوم والثــقافة ــ إيسيسكو ــ بدور المرأة وحرصها على تمكينها من دورها الحقيقي في المجتمع.
ولقد أكدت وأوصت جميع هذه المنتديات بكافة صورها على ضرورة دعم دور المرأةومكانتها ومنحها حق العمل في الميادين كافة، انطلاقاً من أهمية مكانة المرأة في المجتمعودورها في تحقيق استقرار الأسرة.
ويشير الواقع الديموغرافي لعدد السكان في بلدان العالم الإسلامي أنه يبلغ 1028751 ألف نسمة عام 2000، وتبلغ المرأة نصف هذا العدد تقريباً أي حوالي 514.751 ألـف نسـمة، والفـئة العـمرية للبـنات فـي الشـريـحة العـمــرية مـن (14-6) حوالي 91324 ألف من مجموع النساء أي بنسبة 17.8%.
ويلاحظ ارتفاع معدلات خصوبة المرأة في هذه البلدان، وذلك يرجع إلى العوامل الاجتماعية وعوامل ترتبط بالتراث الثقافي لهذه البلدان، وهذا الحجم المتزايد من السكان رجالاً ونساء يطرح سؤالاً : ما الأدوار التى تقوم بها هذه الجموع البشرية من النساء في حاضر المجتمعات الإسلامية وفي مستقبلها ؟ وإلى أي مدى ترتبط هذه الأدوار بما يهيئ لها من فرص الإعداد ووسائله لمواجهة الحياة حتى تتحول من دور واعد بالإمكانية إلى قوة مؤثرة بالفعل، وحتى تصبح طاقة منتجة لا عبئاً ثقيلاً ينوء المجتمعبتكاثره.
وللإجابة عن هذه الأسئلة المطروحة يركز هذا الفصل على الأدوار التي تقوم بها المرأةفي تنمية المجتمع، وحتى يمكن تحديد هذه الأدوار لابد أولاً من تحديد المفاهيم الأساسية التي تعد من الموجهات الأساسية ..
واقع دور المرأة في تنمية المجتمع
على الرغم من وجود تباين في البنى الأساسية الاقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العالم الإسلامي، إلا أن الدين الإسلامي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان.
ولما كان الدين الإسلامى أكثر تقدماً من أي دين آخر بالنسبة لمشاركة المرأة في المجتمع، لأنه أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فالقرآن والحديث والتفسير والاجتهادات المختلفة تعطي المرأة مكانة خاصة تُترجم عملياً إلى أعراف تشريعية تملي عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أماً، فإننا نفترض وجود تطابق إلى حد ما في الأوضاع في هذه البلدان، ولذلك تم اختيار بعض دول العالم الإسلامي كعينة مختارة ممثلة لباقي الدول لنتعرف على أدوار المرأة فيتنمية هذه المجتمعات.
وحين ننظر إلى الدور الذي تقوم به المرأة في التنمية، لا بد أن ننظر إليه في إطارالتنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وفي إطار التنمية المستهدفة القائمة على الأصالة والتجديد الحضاري. و تجزئة الدور في هذا الفصل إلى عدة أدوار هو بغرض التوضيح، وتفسير إلى أي مدى تستطيع المرأة أن تشارك وتساهم بفعالية في التنمية، وما العوامل التي تؤثر في معدلات إسهام المرأة في التنمية في ظل المتغيرات والتطورات التي طرأت على هذه المجتمعات ؟ وما العوامل التي تواجه المرأة للقيام بهذه الأدوار وتعوق اندماجها والتزامها بالمشاركة الحضارية الكاملة في صناعة الحياة بكل أبعادها بدءاً من حقها الطبيعى في حرية الحركة والانتقال، إلى ذروة التأثير في صنع القرار والإسهام في تحديد المسار.
الدور الاجتماعي والثقافي :
نظرة الإسلام لمكانة المرأة الاجتماعية :
لما كان الإسلام هو دين الغالبية العظمى من سكان دول العالم الإسلامي، وأحد العوامل الكبرى في حركة الحضارة العربية الإسلامية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فإن الأمر يقتضي أن نركز على مكانة المرأة الاجتماعية في الإسلام، وفي هذا الصدد، فإن الإسلامقد ساوى بين الرجل والمرأة في الكرامة الإنسانية واستخلفهما معاً لعمران الكون، كما نهى القرآن عن كراهية البنت، وحرم وأدها، كما كان متبعاً في الجاهلية.
إن القرآن الكريم قد ساوى بين الرجال والنساء في الواجبات الدينية وفي المسؤولية وفي الثواب والعقاب، حيث ذكر في محكم آياته : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى } (سورة النجم، الآيات 41-39).. والإنسان هنا يشمل كلاّ من الذكور والإناث بطبيعة الحال.
كما أكدت السنة النبوية على المساواة في معاملة الذكور، فالحديث الشريف يقرر >ساووا بين أولادكم فى العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء<. والمساواة في العطاء تمتد من تربية الأطفال ورعايتهم إلى إتاحة الفرص المتكافئة لهم نمواً وعملاً ومشاركة من خلال ما يتمتعون به من حقوق وما يتحملونه من مسؤوليات، ويقرر الرسول# هذه المساواة بين الذكر والأنثى بنصيحته للنساء اللائي جئن لمبايعته يوم فتح مكة : >من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة<.
أعطت الشريعة الإسلامية المرأة حرية الاختيار والقرار وحق التعرف على من يريد أن يتزوجها، ومع أن الإسلام قد استهجن الطلاق وجعله أبغض الحلال، إلا أنه لم يقصر الحق فيه على الرجل، كما يجري الفهم القائم على تقاليد وأعراف اجتماعية، وهكذا فإن المساواة كاملة في انعقاد الزواج وفي تفريقه بين المرأة والرجل.
والخلاصة أن الإسلام يرسي قاعدة مكينة لمكانة المرأة بالنسبة لكرامتها ولمساواتها بالرجل ولحقها في المشاركة الفعلية العريضة في شؤون الحياة، كما فعلت كثير من فضليات النساء في كثير من حقب التاريخ.
مساهمة المرأة في التنمية الاجتماعية والثقافية :
يرجع اهتمامنا بالدور الاجتماعي والثقافي للمرأة إلى إيماننا بالبيئة التي يعيش فيها الطفل في السنوات الأولى من عمره، وعلى نموه مستقبلاً، فالمرأة تلعب دوراً رئيساً في تنميةالموارد البشرية الصغيرة، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى لتربية الطفل وتنشئته، فيها يوضع حجر الأساس التربوي حيث يكون الطفل عجينة طيعة يتقبل التوجيه ويتعوده ويلتقط ما يدور حوله من صور وعادات وتقاليد وثقافة البيئة التي يعيش فيها، وفيها أيضاً يتعلم مبادئ الحياة الاجتماعية والمعارف والعادات الصحية السليمة.
ورعاية المرأة لأبنائها تبدأ قبل ميلادهم، وذلك من خلال اختيارها التغذية السليمة المتكاملة التي تفيد صحتها أثناء الحمل والرضاعة، وذلك وقاية وحماية للأطفال، حتى لا يتعرضون في هذه المرحلة إلى تأخر النمو أو قلة الحيوية ونقص المناعة، وزيادة القابلية للأمراض المعدية، ليعيشوا رجالاً أصحاء أقوياء.
وتنمي المرأة طاقات أبنائها عن طريق إشراكهم في ممارسة الرياضة، وكذلك تنميةالوعي الفكري والثقافي لديهم، وتوعيتهم دينياً وسياسياً حتى لا يقعوا فريسة لموجات التطرف، وترسخ فيهم القيم والسلوك والعادات الإسلامية المطلوبة، وهذه التنمية والتربية تقوم على أساس المساواة بين الذكور والإناث، فكل ما يتلقاه الطفل من عناية ورعاية وتنمية في السنوات الأولى من عمره يشكل أقصى حد ما سيكون عليه عند بلوغه. ودورالمرأة لا ينحصر في ذلك فقط بل يتعداه إلى ما تقوم به من أعمال الاقتصاد المنزلي الخاصة بترتيب المنزل وتنظيفه، وتصنيع الغذاء، وتوزيع دخل الأسرة على بنود الإنفاق المنزلي، كما أنها في بعض الأحيان تتحمل المسؤولية كاملة في حالة غياب الزوج أو وفاته، هذا بالإضافة إلى عملها خارج المنزل.
وتعتمد درجة إسهامات المرأة الاجتماعية والثقافية على مدى الخدمات المقدمة منالمجتمع التي تساعدها على القيام بهذه الأدوار، وتتمثل في منشآت للخدمات الاجتماعية كالوحدات الاجتماعية، ودور الحضانة، ومراكز التدريب والتكوين المهني، ومكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية، ومراكز الخدمات الصحية المتمثلة في المستشفيات العامة ومستشفيات الولادة، ومراكز رعاية الطفولة والأمومة، والمستوصفات، ومراكز تنظيم الأسرة، ومنشآت الخدمات الثقافية التي تمثلت في وسائل الإعلام، والمكتبات، والأندية الرياضية والاجتماعية.
وليست المرأة في حاجة إلى الخدمات فقط، ولكنها في حاجة أيضاً إلى إعدادها الإعداد الجيد وتمكينها من القيام بكل هذه الإسهامات، فإذا كان المجتمع يريد الاستفادة من مساهمة النساء كاملة في التنمية، فعليه أن يساعدهن على أداء دورهن بالإعداد والإجراءات التي تساعدهن على تحمل مسؤوليتهن، ويتضمن هذا الإعداد إلمامهن بالمعلومات الكافية في النواحي الصحية والثقافية والبيئية، كما يتضمن هذا الإعداد تنميةمهاراتهن على استخدام هذه المعلومات في كل نواحي الحياة، وتدعيم اتجاهاتهن، وإيمانهن بأهمية دورهن في تنمية مجتمعهن وتنمية الوعي الثقافي لديهن لتتعرفن على ما يدور حولهن في العالم المحلي والخارجي، ولتعرفن حقوقهن وواجباتهن، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق المزيد من الخدمات التعليمية والبرامج الثقافية المقدمة للمرأة.
تطور الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمرأة في بلدان العالم الإسلامي :
منذ العقد العالمي للمرأة (1985-1975)، بدأت الحكومات تهتم بأوضاع المرأة في كافة المجالات وتعمل على تحسينها، وتمكين المرأة من المشاركة الفعالة في جميع مجالات الحياة، واستهدفت العقود الماضية في معظم البلدان الإسلاميةالتوسع في نطاق الخدمات الاجتماعية ومرافق البنية الأساسية وتوسيع نطاق التماسك الاجتماعي والمزيد من التحسينات في كافة جوانب الرفاه الاجتماعي.
وبذلت الحكومات المركزية في معظم هذه البلدان جهوداً كبيرة لتوسيع نطاق حصول جميع الأطفال على خدمات التعليم الأساسي، كما وسعت في الوقت نفسه فرص الحصول عليه بالمجان لجميع الأطفال، وعملت على رفع مستوى تعليم البنات لإيمان هذه المجتمعات أن تعليم البنات هو الاستثمار الوحيد الأكثر فاعلية سواء عملت المرأة خارج البيت أم لم تعمل، فهو يعود بمجموعة من المنافع الإيجابية على أفراد الأسرة وتحسين أوضاعها الصحية والغذائية، وتحسين فترات الحمل والولادة، وتخفيض معدلات وفيات الأطفال وإصابتهم بالأمراض، بالإضافة إلى تحسين مستوى تعليم الأطفال، ويؤكد هذا تقرير التنمية البشرية لعام 2000، فهو يركز على الصحة والتغذية والتعليم لا لقيمتهما فحسب، بل أيضاً لتأثيراتها الإيجابية المباشرة وغير المباشرة على رأس المال البشري والإنتاجية والقدرة على المشاركة والتفاعل الاجتماعي. ولنتأمل تأثيرات التعليم، فالعنف المنزلي لايتأثر بعدد سنوات الزواج أو عمر المرأة وترتيبات المعيشة أو تعليم الزوج، وإنما تتأثر بتعليم المرأة، فقد لوحظ في الهند إذا كانت المرأة قد نالت تعليماً ثانوياً فإن معدل حدوث هذا العنف ينخفض بأكثر من الثلثين.
ولقد حققت البلدان النامية ومعظمها من دول العالم الإسلامي الكثير فيما يتعلق بالغذاء والصحة والتعليم، ففي الفترة من عام 1980 إلى عام 1999 انخفضت نسبة سوء التغذية ونسبة الأطفال ناقصي الوزن من 37% إلى 27%، وخلال الفترة نفسها انخفض معدل الوفيات بين الأطفال بأكثر من 50%، فبعد أن كانت 168 حالة لكل ألف مولود أصبحت 93 حالة. وخلال الفترة من 1970 إلى عام 1999 زادت نسبة من يحصلون على مياه صالحة للشرب في المناطق الريفية في العالم النامي أكثر من أربع مرات، إذ ارتفعت من 13% إلى 71%.
واهتمت مصر بصحة المرأة وتبنت مفهوم الصحة الإنجابية، وكان هذا بناء على توصيات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة 1994 الذي نص على أن مبادئ المساواة بين الجنسين، وحق المرأة في الصحة الإنجابية حيويان للتنمية البشرية.
ويعني مفهوم الصحة الإنجابية تقديم الخدمات التى تحتاجها المرأة بين فترات الحمل والولادة، مع الاهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية للمرأة، وهذا المفهوم يتجاوز مرحلة العمر الإنجابي ويبدأ بالطفولة ويستمر إلى المراهقة والشباب والنضج وحتى بعد انقطاع الدورة الشهرية للمرأة، وبذلك أصبحت المرأة في مصر هدفاً لمجموعة من المساعدات والخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية في فترات عمرها المختلفة وأثناء الحمل والولادة وما بينهما، وانعكس هذا الوضع على تونس أيضاً فهي من بلدان شمال أفريقيا بالغة الاهتمام بالنهوض بالمرأة. وتجاوبت إيران مع قضايا العصر ووافقت على تنفيذ برامج واسعة لتحديد النسل في سبيل بناء دولة عصرية، وفرضت على كل المقبلين على الزواج من الجنسين ابتداء من عام 1994 ضرورة الانتظام في محاضرات ودروس تنظيم الأسرة قبل الزواج، وأصدرت فتوى تبيح تنظيم الأسرة وتعقيم النساء والرجال للحد من النسل، وحدّت من الزواج المبكر للفتيات.
وبالنسبة للخدمات التعليمية، فقد انخفضت الأمية في الدول النامية بحوالي النصف، حيث زاد معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين بمقدار النصف : من 48% في عام 1970 إلى 72% عام 1998، وزادت نسبة القيد الصافية في المرحلتين الابتدائية والثانوية معاً من 50% عام 1970 إلى 72% عام 1998.
وفي مصر ارتفعت نسبة القيد الصافي للصف الأول الابتدائي من 75.12% عــام 92/1993 إلى 86.81% عام 98/1999، وكانت نسبة القيد للإناث 45.7% عــــام 92/1993، وارتفعت إلى 48% لعام 98/1999، أي أن نسبة الملتحقات من الإناث بالصف الأول تقترب من نسبة تمثيل الإناث في المجتمع المصري 49% تقريباً حسب إحصاء عام 1996.
وهذا يعد أحد المؤشرات الهامة الدالة على تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية وأن قضية النوع في التعليم أوشكت على الانتهاء.
أما بالنسبة للإناث البالغات، فقد انخفضت الأمية بينهن من 61.8% عام 1986 إلى 43.4% عام 1999.
وفي عام 1998 كانت إيران واحدة من 10 دول في العالم تخلصت من الفجوة الخطيرة في الفرق بين تعليم الأولاد والبنات، ووجدت 95% من البنات أماكن لهن في المدارس الابتدائية والإعدادية، وبلغت نسبة طالبات الجامعة حوالي 40% من حجم الطلبة في التعليم العالي، واقتصرت 30% من الكليات على البنات فقط(18).
وتـشير أيـضاً إحـدى الـدراسات عـن تنظـيم الأسـرة وسلطة المرأة في المجـتمع الحضـري بالمـملكة العربية السـعودية إلـى أن المـرأة فـي المجتمعات العـربية تتمـتع بسلـطة غيـر رسـمية، وأنها تمــارس سيطرة قوية على قرارات أقاربها الأقـربين بالنسـبة لشـؤون الزواج، وقد عزز هذه السلطة غير الرسمية للمرأة في الأسـر موضع الدراسـة، سـفرها المـتكرر للخارج، وإقامتها الطويلة بعيداً عن الوطن ودراسة أبنائها بالمدارس الأجنبية. أما الكويت فتمثل مكانة الصدارة بين بلدان الخليج فيما يتعلق بالحرية والمكانة الاجتماعية التي تتمتع بها المرأة.
أما المرأة فى منطقة شمال إفريقيا (تونس والجزائر والمغرب) فقد اكتسبت قدراً من السلطة داخل إطار الأسرة، وذلك نتيجة لدخول المرأة مجال العمل خارج البيت، ولاستقلالها الاقتصادي، وقد أسفر هذا عن تغير في الأوضاع الاجتماعية والثقافية للنساء، وتمثل ذلك في اختيارهن للزوج، وارتفاع سن الزواج، وتحديد حجم الأسرة.
وابتداء من عام 1994 تصاعدت ضغوط الحركة النسائية في إيران لتغيير قوانين العمل وحضانة الأطفال. وارتفع مستوى الوعي الثقافي للمرأة في البلدان الإسلامية، وذلك استناداً إلى التطورات والتغيرات التي طرأت على العالم بصفة عامة ،والعالم الإسلامي بصفة خاصة، من تطور تكنولوجي واتساع نطاق الاتصال بين الناس، وتحسين سبل النقل والمواصلات، كل ذلك مهد لإحداث تغير في ثقافات المرأة التي كانت تنصب على العادات والتقاليد. فارتبط مستوى الوعي الثقافي بالتعليم، حيث إن المرأة كلما نالت قسطاً أكبر من التعليم، كانت أكثر قدرة على فهم وإدراك ما تبث لها وسائل الاعلام، وأكثر وعياً بحقوقها التي شرعتها لها الدولة، وكذلك كانت أكثر وعياً بما يدور في عالمها المحلي والعالمي من تغيرات وتحولات.
ولقد وثقت دراسات كثيرة الصلات السببية بين الغذاء والتغذية والإسكان والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم، فعلى سبيل المثال تقلل الصحة الجيدة الاحتياجات إلى الغذاء، وتزيد استخدامه الفعال في التغذية، كما أن التحصيل التعليمي الأعلى يكون له أثر تكميلي مماثل على التغذية، ويتضح من مجموعة كبيرة من الأدلة، أن ارتفاع مستوى تثقيف الأمهات يحسن الوضع الغذائي للأطفال، ويتبين من دراسة أجريت في جنوب آسيا، أن معدل نقص التغذية يقل بما يصل إلى 20% بين أطفال النساء اللاتي لم يتجاوز تعليمهن المرحلة الابتدائية مقارنة بأطفال الأمهات الأميات(19).
وفي هذا المجال أيضاً هناك مجموعة من العوامل تساعد في تنمية الوعي الثقافي لدى المرأة، وتتحد هذه العوامل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتمثل في ارتفاع مستويات الدخل، وتنوع المهن والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما تلعب وسائل الاتصال والإعلام ومدى اقتنائها، دوراً هاماً في زيادة انفتاح المرأةعلى ثقافات جديدة وفي سرعة تدفق المعلومات والمعارف
ونستخلص أن المرأة المسلمة واسعة الثقافة هي التي تسعى إلى إحداث التغيرات في أوضاع المرأة المسلمة، وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق، بعد تزايد مشاركة المرأةفي مختلف ميادين الحياة، وعملها خارج المنزل، بالإضافة إلى ارتفاع مستواها الاجتماعي وبروزها في عالم الأعمال يشكلان واحداً من أبرز وأهم القوى العاملة في إحداث التغيير.
0 Comments :
Post a Comment